Home آراء نحو إصلاح فعال لصندوق الراحة البيولوجية وتعزيز استدامة الصيد البحري في تونس

نحو إصلاح فعال لصندوق الراحة البيولوجية وتعزيز استدامة الصيد البحري في تونس

4
0

. مقدمة

في إطار الجهود التي تبذلها الجمعية التونسية من أجل صيد بحري مستدام لتعزيز استدامة قطاع الصيد البحري وحماية الموارد البحرية، يهدف هذا التقرير إلى تسليط الضوء على الإشكاليات الرئيسية المرتبطة بصندوق الراحة البيولوجية، مع تقديم حلول عملية لتحقيق عدالة التوزيع، تحسين الحوكمة، وتعزيز فعالية الصندوق في حماية المخزون السمكي. كما تؤكد الجمعية استعدادها للمساهمة في بلورة حلول فعالة بالشراكة مع وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري والفاعلين في القطاع.

2. أهمية الراحة البيولوجية ودور الصندوق

تُعد الراحة البيولوجية آلية حيوية لحماية المخزون السمكي من الاستنزاف، حيث تتيح فترة توقف أو تقليص نشاط الصيد لتجديد الموارد البحرية. ولدعم الصيادين خلال هذه الفترات، تم إنشاء صندوق الراحة البيولوجية لتعويض المتضررين من توقف النشاط، مع الحفاظ على التوازن بين الحماية البيئية والاستدامة الاقتصادية للعاملين في القطاع.

3. صندوق الراحة البيولوجية في تونس

أُحدث صندوق الراحة البيولوجية لدعم الصيادين أثناء فترات منع الصيد، بهدف تعويضهم عن التوقف المؤقت عن النشاط. يعتمد الصندوق على موارد مالية من مساهمات المجهزين والدولة، ويُخصص لصرف منح للبحارة وأصحاب المراكب المتأثرين بإجراءات الراحة البيولوجية. ومع ذلك، فإن فعالية الصندوق في تحقيق أهدافه البيئية والاجتماعية لا تزال موضع تساؤل، خاصة في ظل التحديات التي تواجه تطبيقه في مناطق مثل خليج قابس.

4. تقييم أداء الصندوق ودوره في حماية الثروة السمكية بخليج قابس

رغم أن الراحة البيولوجية تُعتبر آلية ضرورية لحماية المخزون السمكي، إلا أن تطبيقها في تونس، وخاصة في خليج قابس، لم يحقق الأثر البيئي المرجو. فقد اقتصر إيقاف نشاط الصيد على مراكب الجر فقط، بينما استمرت ممارسات أخرى، مثل الصيد بالكيس (غير القانوني)، في استنزاف الموارد البحرية. هذا الوضع جعل الصندوق أداة للتعويض المهني أكثر منه آلية لحماية البيئة البحرية، مما يتطلب مراجعة شاملة لضمان تحقيقه للأهداف المرجوة.

 1.4 المنح المسندة للصيد بالجر في فترة الراحة البيولوجية

من بين الإشكاليات الرئيسية التي تواجه صندوق الراحة البيولوجية هي المنح المسندة لمراكب الصيد بالجر خلال فترة الراحة البيولوجية في خليج قابس. هذه المنح تُعتبر غير مستحقة في كثير من الحالات، حيث أن النشاط الطبيعي لتلك الوحدات يكون بعد خط العمق البحري 50 مترًا، أي خارج مناطق الحماية المحددة في خليج قابس والمتمتعة بالراحة البيولوجية. وبالتالي، فإن هذه المراكب لا تتأثر بشكل مباشر بفترات المنع، مما يجعل استفادتها من المنح غير مبرر من الناحية البيئية والاقتصادية. هذا الوضع يستدعي مراجعة شروط الاستفادة من المنح لضمان توجيه الدعم للفئات المستحقة فعليًا.

5. المقترحات لتحسين فعالية الصندوق

.1.5. . توسيع نطاق الراحة البيولوجية

  • شمول جميع أشكال الصيد المؤثرة: يجب أن تشمل الراحة البيولوجية جميع أشكال الصيد التي تؤثر على المخزون السمكي، وليس فقط مراكب الجر.
  • تعزيز الرقابة: تفعيل عمليات التفتيش والمراقبة للحد من ممارسات الصيد غير القانونية التي تستنزف الموارد أثناء فترات الراحة البيولوجية.
  • إشراك المهنيين: إشراك الصيادين والمهنيين في تحديد فترات الراحة البيولوجية ومجالات تطبيقها لضمان توافقها مع الواقع البيئي والاجتماعي.

5. 2. إصلاح آلية توزيع المنح

  • مراجعة معايير الاستفادة: يجب أن تعتمد آلية توزيع المنح على معايير عادلة تعكس الواقع الاقتصادي والاجتماعي للصيادين، مع استبعاد الفئات غير المتأثرة مباشرة بالراحة البيولوجية.
  • ربط المنح بالضمان الاجتماعي: ربط استفادة البحارة من المنح بالتسجيل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) لضمان حقوقهم الاجتماعية.
  • مراجعة طريقة احتساب منح الراحة البيولوجية: بحيث يتم احتساب المنحة بالإعتماد على متوسط الأجور المصرح بها خلال الثلاثة الثلاثيات السابقة لجميع أفراد الطاقم والمجهزين، مما يضمن عدالة أكبر في توزيع التعويضات.
  • توسيع دائرة المستفيدين: شمول فئات أخرى من العاملين في القطاع، خاصة في حالات إقرار راحة بيولوجية لمناطق بحرية كاملة أو أصناف معرضة للصيد المفرط.
  • تطوير منصة رقمية : تبسيط الإجراءات الإدارية للاستفادة من دعم صندوق الراحة البيولوجية من خلال رقمنة طلبات المنح وإحداث آلية لضمان وصول المنح مباشرة إلى الصيادين المستحقين دون تعقيدات إدارية تؤثر على سير عملهم.

6. المحاور الأساسية لاستغلال فوائض الصندوق

 .1.6. دعم الهياكل المهنية

وذلك بتخصيص منح من الصندوق لفائدة مجامع تنمية الصيد البحري والشركات التعاونية للخدمات في الصيد البحري وفق برامج تقدمها تسهم في :

  • الضغط على تكاليف الإنتاج : توفير معدات صيد بأثمان تنافسية.
  • أنشطة اقتصادية بديلة: تنظيم أنشطة اقتصادية موازية في الاقتصاد الأزرق (السياحة البيئية، الاستزراع البحري، صناعة معدات الصيد المستدامة).لتوفير مصادر دخل إضافية للصيادين وعائلاتهم.

 .2.6. حماية الشريط الساحلي

  • إثراء الموارد السمكية: صنع وإغراق الشعاب الاصطناعية ودعم برامج حماية النباتات البحرية مثل البوزيدونيا.
  • تحسين البنية التحتية: تمويل مشاريع صيانة الموانئ الصغيرة وإنشاء نقاط إنزال مجهزة للصيد التقليدي.

.3.6.. تشجيع الاستزراع البحري

  • دعم المشاريع الصغيرة: تمويل وحدات صغيرة لتربية الأسماك والمحاريات لفائدة مجتمعات الصيد التقليدي.
  • التكوين والتأطير : توفير برامج تدريبية لدعم الصيادين الراغبين في التحول إلى الاستزراع البحري المستدام.

.4.6 .. تعزيز الممارسات المستدامة

  • التوعية والإرشاد البحري : بعث مراكز جهوية للإحاطة بالصيادين التقليديين على غرار خلايا الإرشاد الفلاحي.
  • تدريب الصيادين: تمويل برامج تدريبية حول الصيد المسؤول واستخدام التقنيات الحديثة التي تقلل الأثر البيئي.
  • دعم التحول البيئي: تشجيع استخدام معدات صيد أقل ضررًا بالبيئة البحرية.

 .5.6  . دعم البحث والتطوير

  • تمويل البحوث العلمية: دعم برامج البحث الميداني في مجال الصيد البحري التقليدي والممارسات المستدامة.

6.6 . تحسين البنية التحتية لموانئ ونقاط إنزال الصيد التقليدي

  • إنشاء نقاط إنزال مهيأة لفائدة مراكب الصيد البحري التقليدي : تتوفر فيها الخدمات المناسبة من بيوت للتبريد والخزن و محطة لتوفير الوقود وسوق لترويج المنتوج وتجهيز أرصفة مناسبة لقوارب الصيد التقليدي .

. 7.6 . تعزيز المراقبة والحد من الصيد العشوائي

  • دعم نُظم الرصد والمراقبة والإشراف: تخصيص جزء من الفوائض لدعم تطوير نظام مراقبة الصيد البحري، لضمان الالتزام بفترات الراحة البيولوجية ومنع التجاوزات.
  • تركيز الإدارة المشتركة  للموارد السمكية:  جنباً إلى جنب مع المؤسسات الحكومية والجماعات الأخرى. فمجتمعات الصيد التقليدي يمكن أن تلعب دور مهم في إدارة الموارد السمكية والنُظم الإيكولوجية واستعادتها وصونها وحمايتها.

7. وضع استراتيجية وطنية لحماية الصيد التقليدي

يجب الإسراع بوضع “خطة العمل الوطنية بشأن مصايد الأسماك الصغيرة النطاق” لحماية الصيد البحري التقليدي، تتماشى مع “الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق في سياق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر” الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة (FAO) سنة 2014، وتتضمن عدة محاور منها تمكين الصيادين التقليديين من المشاركة في أخذ القرار. كما يتعين تعزيز التعاونيات البحرية كآلية لتنظيم القطاع وضمان حقوق الصيادين.

8. الخاتمة

إن إصلاح صندوق الراحة البيولوجية يتطلب إجراءات هيكلية تشمل تحسين الحوكمة، تعزيز الشفافية، وضمان التوزيع العادل للموارد. ومن هذا المنطلق، تؤكد الجمعية التونسية من أجل صيد بحري مستدام استعدادها للمساهمة في صياغة سياسات فعالة بالشراكة مع الوزارة والفاعلين في القطاع، بما يضمن استدامة الموارد البحرية وحماية مصالح الصيادين.